نشهد أن مئات من اليهود والمسيحيّين والسامريّين الذي عاشوا بين ظهراني الحضارة العربية الإسلامية في العصور الوسطى قد انكبّوا بشدة على نقل كتبهم المقدّسة إلى العربية التي باتت لغتهم الرئيسة. تقع هذه الترجمات – بأساليبها وخصائصها التعليمية ومفرداتها والخطوط المعتمدة فيها والتوجّهات والأيديولوجيات القائمة في أسسها، إضافة إلى حجم تأثير القرآن عليها وكيفية استخدام المسلمين لها في مناقشاتهم مع المنتمين إلى الديانات الإبراهيمية – في صلب مشروع بيبليا ارابيكا Biblia Arabica، التوراة والإنجيل بالعربية بين اليهود والمسيحيّين والمسلمين، وهو المشروع الحائز على منحة بقيمة 1.6 مليون يورو من الصندوق الألماني للأبحاث DFG.

تمتد فترة المشروع على مدار خمس سنوات، وقد قام على صياغته وإدارته أستاذتان من كلية الآداب في جامعة تل أبيب هما: أ.د كاميلا أدانغ من قسم الدراسات العربية والإسلامية وأ.د مئيره بولياك من قسم الدراسات التوراتية ، بالتعاون مع أ.د أندرياس كفلوني وأ.د روني فولاند من جامعة لودفيغ ماكسميليان في ميونخ. يقوم المشروع بتحليل ودراسة المخطوطات والشذرات المتعدّدة جدًا التي تحتضنها حاليًا الأديرة المنتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط والمكتبات المختلفة في جميع أنحاء العالم، والكشف عن مناهج الترجمة المعتمدة – من العبرية والآرامية والسريانية واليونانية والقبطية – التي يتميّز بها كل مخطوط من هذه المخطوطات، إلى جانب الكشف عن التأثيرات المتبادلة سواء الدينية والثقافية فيما بين الطوائف الدينية المتعدّدة. كذلك، يتناول المشروع الأصداء التاريخية والاجتماعية للخطاب والجدل التي ظهرت على مدار فترة طويلة من الزمن ولا زالت تلازمنا إلى يومنا.